كان أستاذنا الدكتور حسن المعايرجي (رحمه الله) كثيراً ما يطرح هذا السُّؤال في مجالسه ولقاءاته مع تلاميذه ومُحبيه .. من للقُرآن الكريم؟ .. من لتبليغ رسالات الله بنشر رسالة القُرآن العظيم بكافة اللُّغات العالمية؟ .. من لهذا الكتاب العظيم المُبارك، الذي لا تُوجد هيئة أو مُؤسسة واحدة مُتخصصة في تفسيره وترجمة تفاسيره بجميع اللغات العالمية؟ ..
فقد ظلَّ هذا السُّؤال يُؤرق أستاذنا المعايرجي (رحمه الله) ويُنغِّص عليه حياته همّاً وحُزناً وكمداً .. مَنْ للقُرآن الكريم؟ ..
-وكان يقول: ماذا أفعل إزاء ما يقوم به كاتب صليبي غربي مثل "موير" وهُو يكتب مُحرِّضاً على الإسلام، ويُروِّج لما يقول في الأوساط الكنسية المتعصِّبة وغيرها: (إنَّ سيف مُحمد والقُرآن هُما أكثر الأعداء الذين عرفهم العالم حتى الآن عناداً ضد الحضارة والحُرِّية والحقيقة ! ..)؟ ..
والمشكلة الكُبرى أن أغلبيَّة النَّاس في بلاد الغرب يُصدِّقُون هذه الأكاذيب !! ..
- وماذا أفعل إزاء كلمة مثل كلمة (فون جرونبام): بأن (الإسلام دين غير إنساني، وغير قادر على التَّطور والمعرفة الموضوعيَّة، وهُو دين غير علمي واستبدادي) !..
- وماذا أقول أو أفعل إزاء ما فعله "رُوبرت الكيتوني" صاحب "رأس الفتنة الكُبرى" وهي (الترجمة اللاتينية الأولى للقُرآن الكريم) عام 1143م، والتي أخذت عنها كافة الترجمات الأوروبية للقُرآن الكريم كُلُّ ما فيها من هُجوم وقدح وطعن في الإسلام والقُرآن ونبيِّ الإسلام سيدنا مُحمَّد صلى الله عليه وسلم ..
ثُمَّ ما قام به "لودفيج ماراتشي" بعد ذلك، وكان أشد هُجوماً وقدحاً وطعناً في الإسلام والقُرآن ونبيِّ الإسلام صلى الله عليه وسلَّم ..
-وماذا أقولُ أو أفعل تجاه ما تقوم به فِرقة أو (دين الأحمديَّة القاديانية) من التحريف المتعمّضد للقُرآن الكريم على مرأى ومسمع من المؤسسات الإسلامية؛ وبكُل تبجُحٍ ووقاحة بدءاً من مُؤسس ديانتهم (القاديانية الباطلة) المدعو (غُلام أحمد القادياني) الذي هلك في 13 مارس عام 1914م، ومُروراً بتلميذه (محمد علي اللاهُوري) الذي كتب أوَّل ترجمة لمعاني القُرآن الكريم باللغة الإنجليزية حشاها بأباطيل وضلالات الديانة القاديانية المُحرَّفة، وبكل بجاحة ووقاحة مُنقطعة النَّظير أرسل هذه الترجمة إلى الأزهر الشَّريف، ليحصل منه على "إجازة وشهادة" ومُوافقة باعتماد هذه الترجمة القاديانيَّة المُحرَّفة للقُرآن الكريم .. ولا حول ولا قُوَّة إلاَّ بالله العليّ العظيم ..
- ثُمَّ كان أستاذي الدكتور المعايرجي (رحمه الله) يقول: ماذا أقولُ أو أفعل -تجاه ما تقوم به المؤسسات الشيعية من تلبيس على المسلمين في مُحاولات يائسة بائسة فاشلة لإبعادهم عن الإسلام الصحيح؛ بإصدار تفاسير وترجمات قُرآنية باطلة مُحرَّفة؛ فيها ما فيها من الطَّعن في عقائد الإسلام والهجوم على مٌقدِّساته ورموزه؟! ..
-ثُمَّ ما أقول أو أفعل -تجاه عشرات الأقوال والأفعال والمواقف التي يُروِّجُ لها مفكِّرون وعلماء وساسة غربيِّون ضد الإسلام والقُرآن العظيم ونبيِّ الإسلام، والتي كان لها صدى وتأثير بالغ في هذه الحرب الهمجية على الإسلام؛ هذه الحرب التي صنعت "الإرهاب" و"الإرهاب المُضاد" الذي شقي به العالم أجمع ..
لقد كان لهذا التشويه المتعمَّد ضد القُرآن والإسلام ونبيِّ الإسلام صلى الله عليه وسلم أثره الكبير في حملات "الإسلام فُوبيا"، وفي انتشار موجات الكراهية ضد الإسلام والمسلمين في الشرق والغرب على حدٍّ سواء، كما كان لها دورها البارز في استفحال نشاط الأحزاب (اليمينيَّة المتطرِّفة) ضد الإسلام في الغرب ..
-وقد ساعد على استفحال ظاهرة العداء للإسلام والمسلمين -أيضاً- ما تقوم به العصابات الإجرامية الإرهابيَّة التي تحمل أفكاراً مُتطرفة كداعش وغيرها من عصابات العنف والإرهاب وكتائب القتل والتفجير والدَّمار التي صنعتها أجهزة عالمية مُعادية للإسلام والمسلمين وجندتها لتشويه الإسلام العظيم، وفكرة (الدولة الإسلامية) و (الخلافة الإسلامية) و (الشريعة الإسلامية المُعجزة)، وكلُّ ما يمت إلى إسلامنا الجميل بصلة، وصناعة محرقة كبيرة للشباب المسلم المُغرَّر بهم؛ وقد يَسَّرت هذه الأجهزة المعادية الطريق ومهَّدت السبيل لصناعة التوحش الدَّموي الرَّهيب والتطرف المقيت والإرهاب البغيض من خلال توجيه هذه العصابات الإجرامية إلى جعل كتابات ورسائل "الدَّعوة الوهَّابية النَّجديَّة" المورد والرَّافد الفكري الوحيد لها، وجعلت من دعاتها المرجعية العلمية والفكرية المعتمدة لتوجهاتها الإرهابيِّة، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله العلي العظيم ..
وقد صنعت هذه التوجهات جميعاً هذه الحالة العدائية للإسلام والمسلمين في الشرق والغرب، ومن هُنا كان أستاذنا المعايرجي (رحمه الله) يرى أهميَّة أن يكون للقُرآن الكريم (هيئة عالميَّة مُستقلِّة) ترعى شُؤونه، وتقومُ على خدمته كما ينبغي؛ خاصَّةً وقد هاله وأفزعه ما شاهده من حجم وكثافة الجهود المضادَّة التي يقوم بها كثيرون في الشَّرق والغرب في الحرب على القُرآن العظيم، والصَّد عن سبيل الله سُبحانه وتعالى، وبث الشائعات والشُّبهات والدِّعايات المُغرضة المضادة حوله، والتي يقوم بها على وجه التحديد العديد من "المؤسسات التنصيرية والكَنَسيَّة"، ومراكز "البحوث والدراسات" التي يُشرف عليها صهاينة وقساوسة ومستشرقون ورجال لاهوت من النّصارى المتعصبين؛ فضلاً عمَّا تقومُ به المؤسسات والمراكز الشيعيَّة والأحمدية القاديانية المنتشرة حول العالم المدعومة بدعم مالي سخيٍّ من حرب على الإسلام والقُرآن ونبي الإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومحاولات يائسة فاشلة لهدم الإسلام وتخريبه من خلال ما ينشرونه من تفاسير وترجمات قُرآنية مُحرَّفة ..
كان هذا هُو "الهم الكبير"، وكانت هذه هي "القضية الخطيرة" التي عاش لها ومات من أحلها وهُو مُرابط في ثغرها أستاذي الدكتور حسن المعايرجي (رحمه الله) .. لقد كان القُرآن الكريم، وكان تبليغ رسالات الله سُبحانه وتعالى من خلال إعداد تفاسير للقُرآن الكريم بجميع اللغات العالمية هي محور حياة الدكتور المعايرجي وشُغله الشاغل (رحمه الله ورضي عنه)؛ فتراكمت عليه الهُموم، وانهالت عليه الأمراض، وهُو يرى ويعيش هذا الواقع الأليم لأمة الإسلام، وقد تشبَّثت هذه الأمراض بجسده الضعيف الذي أضناه المرض، وهدَّه الهم والحُزن والالم، وقد ظلَّ يُعاني من هذه الأمراض التي حطَّت رحالها وسكنت جسده الضعيف حتى مات حُزناً وكمداً وحَسْرَةً على واقع المسلمين، ومدى تقصير الكثير من مؤسساتهم الإسلامية الكبيرة في القيام بواجب تبليع رسالات الله كما أراد الله سُبحانه وتعالى ..
فرحمك الله أستاذي الدكتور حسن المعايرجي رحمة واسعة، وتقبَّل عملك في الصَّالحين مع الذين أنعم الله عليهم من النَّبيِّن والصدِّيقين والشُّهداء والصالحين وحَسُنَ أُولئِكَ رفِيقاَ .. وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون ..