بيان الأزهر الشَّريف في الدِّيانة الأحمدية القاديانيَّة، لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق – شيخ الأزهر الأسبق (رحمه الله) ..
إلى المسلمين .. عَمَّا سَأَلَ عنه، سماحة الشيخ/ أبو بكر نجار رئيس المجلس الإسلامي بجنوب أفريقيا، وَنصُّهُ :
الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم .. وبعد :
فقد اطَّلَعْتُ على كتاب سماحة الشيخ/ أبو بكر نجار رئيس المجلس الإسلامي لجنوب أفريقيا المؤرخ 5 من شهر صفر سنة 1402هـ وقد جاء به :
أنَّ أتباع ((مرزا غلام أحمد))، انقسموا إلى طائفتين :
الأُولى: ((القاديانية)) وهي التي تُنكر صراحة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خَاتم النبيين .
والأُخرى: ((الأحمدية))/ ((لاهور)) وهذه الطَّائفة تَدَّعي أنَّه ((أي- مرزا غلام أحمد)) نبي مُجاز، وأنَّهُ المسيح المُنتظر، وأنَّه المهدي والمُصلح، وأنَّه المجدد المبعوث على رأس القرن الرابع عشر الهجري، وانَّ سيدنا عيسى عليه السلام هو ((ابن يوسف النجار))، وأنَّهُم لا يُؤمنون بمعجزات الأنبياء ..
وقد طالب هؤلاء بنفس حُقوق المسلمين، وبالذَّات: حقهم في الصَّلاة في مساجد المسلمين، ودفن موتاهم في قبورهم – بدعوى أنَّهُم يشهدون بوحدانية الله وبرسالة رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..
وقد أقاموا دعوى – أمام محكمة ((كيب تاون)) ((رأس رجاء الصالح)) بدولة جنوب أفريقيا ضد المجلس القضائي الإسلامي والجمعية الإسلامية والشيخ محمد صالح دين – طلبوا فيها الحكم لهم بنفس حُقوق المسلمين، وبالذَّات: الصَّلاة في مساجدهم، ودفن موتاهم في قبورهم بادِّعاء أنَّهُم مثلهم، يشهدون لله بالوحدانية وللرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة، وأنه يُصلون ويصومون ويزكون ...
وقد أنكر عليهم المجلس القضائي الإسلامي والهيئات الإسلامية الأُخرى أن يكون لهم حُقوق المسلمين ..
وقد انتهى سماحة الشيخ/ أبو بكر نجار – رئيس المجلس الإسلامي لجنوب أفريقيا ورئيس المجلس الشَّرعي لإقليم الكاب إلى توجيه الأسئلة التالية:-
1 - هل تُعتبر طائفة ((الأحمدية))/ ((لاهور)) من المسلمين أم من غير المسلمين؟
2 - هل لهم الحق – إذا لم يُعتبروا مسلمين – أن يَدخلوا مساجد المسلمين لأداء صلاتهم وأن يَدفنوا موتاهم في قُبور المسلمين ؟
ونُفيد :
بأنَّ ((فرقة الأحمدية)) فرع من ((القاديانية)) التي قال عنها المرحوم الدكتور/ ((محمد إقبال)) أحد كبار المفكرين المسلمين في بنجاب ((أنَّ القاديانيَّة ثورة على نُبُوَّة محمد صلى الله عليه وسلم ومُؤامرة ضد الإسلام وديانة مُستقلة، وأنَّ القاديانيَّة وحدها ليست جُزءاً من الأُمَّة الإسلاميَّة العظيمة))؛ ذلك لأنَّ الجماعة خالفت إجماع المسلمين واتفاقهم على أُمور صارت معلومة من الإسلام بالضرورة ..
* - من هذا ابتداعهم تفسيراً لقول الله سبحانه (( ... َخَاتَمَ النَّبِيِّينَ... )) مُخالفاً لما وقع عليه الإجماع من أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم النَّبييِّن فلا نبي ولا رسول بعده صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة ... إذ قال ((القاديانيون)) مُفَسِّرين قول الله تعالى: ((خَاتَمَ النَّبِيِّينَ)) لأوَّل مرة في تاريخ المسلمين بأن محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم النَّبِيِّين .. أي ((طَابعهم)) فكل نبي يظهر الآن بعده تكون نبوءته مطبوعة بخاتم تصديقه صلى الله عليه وسلم ، وهذا تفسير باطل يَخْرُجُ به صاحبه عن إسلامه ..
* - وقد سارت فرقة ((الأحمدية)) في عقيدتها وسلوكها الديني على نهج أصلها ((القاديانية)) وانتسبت ((الأحمدية)) إلى ((مرزا غلام أحمد)) الذي تواترت كتابته: بإدِّعائه النُّبُوة، يُصرح بها ويُكَفِّرُ من لا يَتَّبِعه، وإن حاول بعض أتباعه تفسير كتابته بادِّعاء أنَّها مجاز وليست حقيقة ..
وأطلقوا عليه اسم ((المسيح الموعود))، أو أنَّ رُوح المسيح قد تَقَمَّصَتْه، وأن له مُعجزة هي تَنَبُّؤُه بالخسوف والكسوف قبل وقوعهما ..
* - وإذا كانت عقيدة هذه الطَّائفة على هذا النَّحو كانوا على غير الإسلام، ولشعبة ((لاهور)) فوق هذا ضلالة قاصمة يبثونها في كُتُبٍهم بلسان زعيمهم، وهي إنكار أن يكون المسيح عليه السلام وُلِدَ من غير أب، وقد صَرَّح زعيمهم ((محمد علي)) بأنَّ عيسى عليه السلام ابن يوسف النجار، وأنَّ مريم عليها السَّلام كانت مُتزوجة به، وأنَّ المسيح عليه السَّلام وُلد بطريق عادي، وقد حاول تحريف بعض الآيات لتُوافق هذه العقيدة، ويذكر أنَّ عقيدة ولادة المسيح من غير أب ليست من عقائد الإسلام التي يجب الإيمان بها، وأنَّها من مبادئ المسيحية ..
وهذا القول من مُفتريات اليهود على رسول الله عيسى بن مريم عليه السلام كما أخبر به القُرآن في قول الله سبحانه: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا)[سورة النساء: (165)] ..
* - وطائفة ((الأحمدية)) هذه بهذا المتقدم وغيره، وكذلك أصلها ((القاديانية)) كلتاهما في مسلكهما وطُرُقهما المتشعبة بدءاً واستمراراً بعيدتان عن الإسلام، إذ لا شَكَّ أنَّ عقيدتهما في كل أجزائها تُخالف ما أجمع عليه المسلمون من عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم من أنَّه نبي ورسول من الله وخاتم النَّبِيِّين، وما صَرَّح به رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم من أنَّه آخر الأنبياء وأنَّ الله قد ختم به الرُّسُل، وأنَّه لا نبي بعده، وما نَسَبَتْهُ هذه الطَّائفة لزعيمها من نُبُوءات، كالتَّنَبُّؤ بالكُسوف للشَّمس والخُسوف للقمر قبل وُقوعهما، لا يُعد معجزة لأَنَّهُ يقع من عُلماء الأرصاد والفلك ويتكرر وُقوعه بناء على حسابات يجرونها ولم يدع واحد من هؤلاء العُلماء أَنَّه نبي أو رسول، بل أنَّه العلم والمعرفة التي نمت وتكاملت في بني الإنسان على مدى حياته على الأرض ..
لما كان ذلك فإذا كانت مُعتقدات ((القاديانية)) و ((الأحمدية)) على هذا النَّحو تكون قد خرجت بهم عن الإسلام، حيث خالفوا عقيدته وشريعته في كثير من الأُمور المعلومة من الإسلام بالضرورة – على ما تَقَدَّمت الإشارة عليه – وكانت الإجابة على الأسئلة الموجهة من سماحة الشيخ أبو بكر نجار – رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في هذا الشأن على الوجه التالي :
السُّوال الأَّول: هل تُعتبر ((الطائفة الأحمدية))/ ((لاهور)) من المسلمين أم من غير المسلمين؟
والجواب: أنَّه إذا كانت المُعتقدات المُنوه عن بعضها آنفاً لهم كانوا بها خارجين عن الإسلام باعتبارهم قد خالفوا في كثير من الأمور المُجمع عليها، والتي صارت معلومة من الدِّين بالضرورة فضلاً عن أنَّ في بعض مُعتقداتهم تكذيباً لما ورد في القرآن الكريم: ولا مِرَاء في أنَّ من كَذَّب القُرآن خارج عن الإسلام ولا يُعَدُّ من المسلمين ..
السؤال الثاني: هل لهم الحق أَنْ يدخلوا مساجد المسلمين لأداء صلاتهم؟
الجواب: أنَّه إذا كان هؤلاء ((القاديانية)) و ((الأحمدية)) قد فارقُوا الإسلام بتلك المُعتقدات، وبرئت منهم عقيدته وشريعته صَارُوا مُرْتَدِّين عن الإسلام وجرت عليهم أحكام غير المسلمين في شأن دُخولهم المساجد؛ ذلك قول الله سبحانه: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)) [سُورة التَّوبة] ، فقد حرَّم الله في الآية الأُولى على غير المسلمين دُخُول المساجد وذلك بأسلوب تقريري مُلزم للمؤمنين، وهذا هُو المفهوم من قول الله تعالى: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ).
فالعبادة كما تُطلق على بناء المساجد وإصلاحها تُطلق كذلك على لُزُومها والإقامة فيها لعبادة الله، والمعنى على هذا أنَّه ينبغي للمُشركين وليس من شأنهم أن يعمروا بيوت الله ((المساجد)) وهم على حالة الكفر ..
________________
* - نقلاً عن مجلة الأزهر – [المجلد57 للعام: 1405هـ/1985م – صفحة رقم: (1921)] ..